قسوة القلب والعمل السياسي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قسوة القلب والعمل السياسي
مقدمه قصيرة
وانا اتصفح في هذا المنتدى الشريف تذكرت ما قاله سماحة الشيخ ادام الله بقائه وحماه عندما قال ان كثرة العمل السياسي على الفرد قد تؤدي الى قسوة القلب فقلت في نفسي لعلي اكتب مقاله من شأنها تقليل هذه القسوه للسياسيين اللذين يتصفحون معي الان واساله تعالى ان يبعدنا عن قسوة القلب مهما كانت اعمالنا .
فلسفة المحنة وكيفية مواجهتها
إن أهمية هذا الحديث تنبع من كون البلاء، هو السمة الغالبة في حياتنا اليوم.. فالكثير يعيش حالات من الاضطراب والارتباك، مما هو فيه من ابتلاء: في ماله، أو في نفسه، أو في علاقاته الاجتماعية.. علاوة على أن الأمة هذه الأيام مبتلاة ببلايا كثيرة، فنحن في فترة لا نحسد عليها: من الانهيار، وتكالب قوى الشر علينا؛ لهذا علينا أن نستوعب فلسفة البلاء، ليهون الأمر علينا.
س1/ ما هي فلسفة الابتلاءات؟..
هنالك عدة أمور ينبغي استيعابها في هذا المجال:
الأول: إيصال العبد إلى الكمال المنشود: حيث أن الله تعالى يصب على عبده المحن والابتلاءات؛ ليصرفه عن نعيم الدنيا، فيصل إلى حالة الرقي الباطني، بمخالفة هواه.. وإلا لو كان كل أمر موافق لما يحب ويبتغي، لكانت حياته حياة بهيمية: يأكل، ويشرب، ويعمل ما يريد دون قيود أو عوائق.
الثاني: حالة الانقطاع إلى الله: حيث أن الإنسان المترف، الذي يعيش حالة الاستغناء المادي، وكل أموره ميسرة؛ يكون أقرب إلى حالة الخمول الروحي، فمثلاً: لو كان في طائرة تسير بشكل طبيعي وهادئ، تراه ينام ويسترخي.. ولكن بمجرد أن يشعر ببعض الهزات الخفيفة، لا شعورياً يعيش حالة الذكر والإنابة.. فإذن، طبيعة الإنسان أنه في البلاء، يتوجه إلى عالم الغيب.
الثالث: تكفير الذنوب والخطايا: إن الإنسان المؤمن من خلال عملية الاستغفار، يصفي حساباته أولاً بأول مع رب العالمين.. أنا أدعو للالتزام بهذا الاستغفار الوارد في كتبنا الحديثية، من التزم به شهرين أربعمئة مرة، موعود بأن يزاد في علمه، أو في ماله، ومن الممكن أن يزاد في كليهما.. (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، الرحمن الرحيم، بديع السماوات والأرض، من كل ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه).
ومع ذلك فإن للإنسان المؤمن درجات، لا ينالها إلا بالبلاء والصبر على المكاره، كما ورد في الروايات، ولو كشف له الغطاء لتمنى المزيد المزيد من البلايا.. حيث أن رب العالمين يعطيه ببلاء بسيط يحل به، ما لا يخطر على باله.. قال الرسول (ص): (إن الرجل لتكون له درجة عند الله، فما يبلغها بعمله، حتى يبتلى ببلاء في جسده، فيبلغها بذلك البلاء).. أو كما روي عن أبي عبد الله (ع): (إنه ليكون للعبد منزلة عند الله، فما ينالها إلا بإحدى الخصلتين: إما بذهاب ماله، أو ببلية في جسده).
س2/ ما هي الأدعية المشروعة عند نزول البلاء؟..
* قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. أي على نحو المعايشة لا القول المجرد، إذ لابد من الغوص في أعماق الآية، واعتقاد أن حقيقة الابتداء والانتهاء من الله عز وجل.. فالإنسان إذا عاش حالة المملوكية لله تعالى، وسلّم بأن المعطي هو الذي أخذ، لا شك في أنه سيعيش حالة الاطمئنان والاستقرار النفسي، و تتنزل عليه الصلوات من الله عز وجل.
* عن علي (ع): (قل عند كل شدة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).. أيضاُ مما يريح النفس، ويبعث على الاطمئنان، هوال اعتقاد بأن كل ما في الوجود من قوى، رهن إشارة المولى عز وجل، وبيده كل شيء.
* عن الرضا (ع): رأيت أبي (ع) في المنام فقال: يا بني، إذا كنت في شدة فأكثر من أن تقول: (يا رؤوف يا رحيم).. أي توسل بالله من باب الرأفة والرحمة.
س3/ هل هناك من سلبية في أن يعيش الإنسان حالة التبرم الداخلي من البلاء مع إظهار الرضا؟..
فرق بين أن يعيش الإنسان حالة الاستسلام للقضاء والقدر، وهو في داخله يعيش حالة الغليان الباطني، ويتمنى أن هذا البلاء لو لم ينزل، وقد يصل به الحد إلى تمني الموت أو أنه لو لم يخلق.. وبين أن يعيش حالة الرضا والقبول.. وعليه، فإنه لابد من تجاوز مرحلة الاستسلام، إلى مرحلة القبول بما جاء به الله عز وجل، والنظر لهذه البلية على أنها هبة من الله عز وجل، كما ورد في بعض الروايات عن الإمام الباقر (ع): (إنّ الله تبارك وتعالى إذا أحبّ عبداً غتّه بالبلاء غتّا، وثجّه بالبلاء ثجّا، فإذا دعاه قال: لبيّك عبدي!.. لئن عجّلتُ لك ما سألتَ إني على ذلك لقادر، ولئن ادّخرتُ لك فما ادّخرتُ لك خير لك).. وهذا ما رأيناه في أصحاب الحسين (ع) من تحمل وصبر يذهل الألباب، وذلك لشدة تسليمهم لأمر الله عز وجل.. وقال رسول الله (ص): (إذا نُشرت الدواوين، ونُصبت الموازين.. لم يُنصب لأهل البلاء ميزان، ولم يُنشر لهم ديوان).. ثم تلا هذه الآية: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
س4/ هل هناك علاقة بين الارتباط الشعوري لصاحب الأمر(عج) وبين دفع البلاء عن الفرد والأمة.. وكيف نواجه البلاء الأعظم المحيط بالإمام (عج)؟..
هذا من المؤكد؛ لأنه لولا وجود الإمام لساخت الأرض بمن عليها.. فوجوده (ع) هو الأمان من نزول الغضب الإلهي، والعصمة من كثير من الذنوب.. وهو (ع) على رأس قائمة المبتلين في زماننا هذا، بل في العصور كلها.. فإذا كان الإنسان في بعض الحالات لا يتحمل بعض البلاءات التي تحل بالأمة، فكيف بصاحب الأمر (عج)، وهو المطلع على كل هذه المآسي، ويرى كل هذا الظلم، وهو المكلف والمرشح بإنقاذها وتطهيرها من كل هذا الجور وأنواع الضلال.. ولكن لمصلحة يراها رب العالمين في زمان الغيبة، لم يؤذن له بالظهور؛ فيعيش (عج) حالة لا توصف من الأذى، لا يعلمها إلا الله تعالى.. فمن يريد مشاطرة الإمام (عج) آلامه، عليه: بالدعاء له، وإدخال السرور على قلبه، ودفع الصدقة عنه، وعن من يحب من خيار أصحابه، والتمهيد لدولته الكريمة.. فهذا خير ما يمكن أن ندعم به ذلك الوجود الطاهر.
س5/ ماذا يفعل الإنسان إذا حلت به المصائب من كل حدب وصوب؟..
عليه أن يعمل جرداً شاملاً لكل سلوكياته، فإن رأى تقصيراً في البين؛ فإن ذلك البلاء حط للسيئة، وعليه بالتعويض.. وإلا فإنه بلاء مبارك، يحقق له القرب من الله عز وجل دنيا وآخرة، كبلاء الأنبياء والمقربين، الذين كانوا قمة في البلاء.. فهذا النبي الأكرم (ص) كما نعلم يصرح بأنه ما أوذي نبي كما أوذي (ص).
س6/ لي صديق مسيحي، وهو قد طلب مني الدعاء له؛ لشدة قد تعرض لها.. فهل هناك شرعية لذلك ؟..
الناس قسمان: أخ لك في الدين، ونظير لك في الخلق.. ما المانع أن تدعو لذلك المسيحي بالهداية وصلاح الأمر؟!.. بل تخبره أيضاً بما جرى؛ فتكون بهذا العمل حببته وقربته بالدين، وأفهمته بأن هذا الدين لا يمنع من بر أهل الكتاب.. فعلي (ع) عندما كان في سفر مع كتابي، وإذا به في مفترق الطريق يتابع مع ذلك الرجل خطوات؛ ليثبت له سماحة الإسلام.. ونحن نعلم كم تأثر (ع)، عندما سمع بقصة نزع الخلخال من رجل الذمية ، فيا ليت أهل الكتاب في بلداننا الإسلامية، يعلمون ما كان عليه سلوك أئمة الهدى، وعلى رأسهم النبي المصطفى، في مراعاة كل أفراد المجتمع ومنهم أهل الذمة!..
س7/ إني قريب من سن البلوغ، وأحب أن أبقى على صفاء الفطرة، فبماذا تنصحون؟..
النصحية هي: أن يلزم معاشرة الصالحين، من الذين يمكن الاستفادة منهم علماً وعملاً.. وإلا فإن من هم في هذا السن، تغلب عليهم مشاكل المراهقة، وخاصة المدارس هذه الأيام -مع الأسف- تمثل نقاط تجمع لابتلاءات اجتماعية كثيرة، من نشر لأدوات الفساد وغيره، والتي -لا سمح الله- من الممكن أن تهوي به من أعلى عليين إلى أسفل سافلين، فعليه بترك معاشره هؤلاء المنحرفين.. وأيضاً إن الآباء والأمهات عليهم مسؤولية كبيرة -وخاصة في سن البلوغ- لحفظ أبنائهم، والبقاء على نقاوتهم الفطرية، فكم من الجميل أن يتجاوز الشاب هذه المرحلة الخطرة، وهو لا يرى خطيئة بينه وبين ربه.. وإن دعاء الأبوين في حق الابن مستجاب.. فهناك صلاة مأثورة يصليها الإنسان ليلاً للأولاد، ونهاراً للوالدين وهي: ركعتان: في الأولى يقرأ بعد الفاتحة سورة القدر، وفي الثانية بعد الفاتحة يقرأ سورة الكوثر.
س8/ هل هناك من ارتباط بين ظلم الآخرين والمعاقبة الآنية؟..
إن هذا إحساس مبارك، يجعل صاحبه يقلع عن ظلم الآخرين.. كما هو معروف في علم النفس: هنالك قانون الاقتران، عند تكرر حالتين: (أ) و(ب) بحيث أنه إذا جاء (أ) جاء (ب)، لذا يتم الحذر من (أ) أول الأمر.. وإن من أخلاقية المؤمن أن يبادر بطلب الحلية من العباد، وخاصة في المواسم العبادية، حيث أن الأمر لا يخلو من الهفوات.. فالمرء لا يبرئ نفسه من خلال العشرة الطويلة، خصوصاً ظلم الوالدين؛ فإنه عرضة للانتقام الإلهي السريع.
س10/ ماذا تعمل الأم إذا كان الأبناء لا يطيعونها ولا يسمعون كلامها؟..
إن الأمر لا يخفى على الإنسان، أنه في بعض الأوقات يكون عاجزا عن تغيير الأمور بعد مرحلة الإثمار.. حيث أن الآباء عندما يهملون تربية أبنائهم -وخاصة في هذه الأيام، في ظل تواجد الإنترنت، وانتشار المواقع الإباحية- يصل الأمر إلى حد الانفلات، وفقدان السيطرة.. فعندئذ الندامة والبكاء لا تنفع، ولن تغير من الواقع شيئاً؛ ولهذا نجد أن الإسلام اهتم بتربيه الأبناء، حتى قبل اختيار الزوجة عندما قال رسول الله (ص): (اختاروا لنطفكم، فإنّ الخال أحد الضجيعين).
س11/ ماذا يعني إن الخير من الله، والشر من الإنسان نفسه؟..
إن الشر ينسب للعبد؛ لأنه هو صاحب الإرادة، فلو سلبنا منه عنصر الإرادة، لانتفى حسن الثواب والعقاب.. لأن الله تعالى لا يعاقب من سلبت إرادته: كالساهي، والنائم، والمكره، والمضطر.. فإذن، إن الشر هو من سلوك العبد، الذي تصرف في موارد الطبيعة، وتصرف في أعضاء بدنه، مما يؤدي إلى وقوع المعصية.. ولكن عندما نقول: بأن الخير من الله عز وجل، لا بمعنى أن الله تعالى أجبرنا على فعل الخير، وإلا لا يحسن الثواب لإنسان قام بعمل بلا شعور، بل يعني أن المواد التي سخرها الله تعالى لنا، هي من الله؛ تمكيناً للقيام بالعمل الصالح.
س12/ الإنسان يكتب شقاءه وسعادته منذ أن يكون في بطن أمه؟.. ألا يمكنه أن يتحدى ويغير من هذا القسمة بأعماله المختلفة؟..
إن المقدرات الإلهية، ليست مقدرات قاهرة على نحو الإلزام، بل على نحو العلم.. كما الحال عند الطالب الكسول، فعندما يقرر الأستاذ بخبرته عن هذا الطالب المهمل، بأن مآله سيكون السقوط، ثم أنه يمكنه أن يجد في الدراسة وينجح.. كذلك الحال بالنسبة للمؤمن، ما كتب له إنما هو كتابة محضة على نحو الخبر، لا على نحو الإلزامية والقهر.
وانا اتصفح في هذا المنتدى الشريف تذكرت ما قاله سماحة الشيخ ادام الله بقائه وحماه عندما قال ان كثرة العمل السياسي على الفرد قد تؤدي الى قسوة القلب فقلت في نفسي لعلي اكتب مقاله من شأنها تقليل هذه القسوه للسياسيين اللذين يتصفحون معي الان واساله تعالى ان يبعدنا عن قسوة القلب مهما كانت اعمالنا .
فلسفة المحنة وكيفية مواجهتها
إن أهمية هذا الحديث تنبع من كون البلاء، هو السمة الغالبة في حياتنا اليوم.. فالكثير يعيش حالات من الاضطراب والارتباك، مما هو فيه من ابتلاء: في ماله، أو في نفسه، أو في علاقاته الاجتماعية.. علاوة على أن الأمة هذه الأيام مبتلاة ببلايا كثيرة، فنحن في فترة لا نحسد عليها: من الانهيار، وتكالب قوى الشر علينا؛ لهذا علينا أن نستوعب فلسفة البلاء، ليهون الأمر علينا.
س1/ ما هي فلسفة الابتلاءات؟..
هنالك عدة أمور ينبغي استيعابها في هذا المجال:
الأول: إيصال العبد إلى الكمال المنشود: حيث أن الله تعالى يصب على عبده المحن والابتلاءات؛ ليصرفه عن نعيم الدنيا، فيصل إلى حالة الرقي الباطني، بمخالفة هواه.. وإلا لو كان كل أمر موافق لما يحب ويبتغي، لكانت حياته حياة بهيمية: يأكل، ويشرب، ويعمل ما يريد دون قيود أو عوائق.
الثاني: حالة الانقطاع إلى الله: حيث أن الإنسان المترف، الذي يعيش حالة الاستغناء المادي، وكل أموره ميسرة؛ يكون أقرب إلى حالة الخمول الروحي، فمثلاً: لو كان في طائرة تسير بشكل طبيعي وهادئ، تراه ينام ويسترخي.. ولكن بمجرد أن يشعر ببعض الهزات الخفيفة، لا شعورياً يعيش حالة الذكر والإنابة.. فإذن، طبيعة الإنسان أنه في البلاء، يتوجه إلى عالم الغيب.
الثالث: تكفير الذنوب والخطايا: إن الإنسان المؤمن من خلال عملية الاستغفار، يصفي حساباته أولاً بأول مع رب العالمين.. أنا أدعو للالتزام بهذا الاستغفار الوارد في كتبنا الحديثية، من التزم به شهرين أربعمئة مرة، موعود بأن يزاد في علمه، أو في ماله، ومن الممكن أن يزاد في كليهما.. (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو، الحي القيوم، الرحمن الرحيم، بديع السماوات والأرض، من كل ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه).
ومع ذلك فإن للإنسان المؤمن درجات، لا ينالها إلا بالبلاء والصبر على المكاره، كما ورد في الروايات، ولو كشف له الغطاء لتمنى المزيد المزيد من البلايا.. حيث أن رب العالمين يعطيه ببلاء بسيط يحل به، ما لا يخطر على باله.. قال الرسول (ص): (إن الرجل لتكون له درجة عند الله، فما يبلغها بعمله، حتى يبتلى ببلاء في جسده، فيبلغها بذلك البلاء).. أو كما روي عن أبي عبد الله (ع): (إنه ليكون للعبد منزلة عند الله، فما ينالها إلا بإحدى الخصلتين: إما بذهاب ماله، أو ببلية في جسده).
س2/ ما هي الأدعية المشروعة عند نزول البلاء؟..
* قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. أي على نحو المعايشة لا القول المجرد، إذ لابد من الغوص في أعماق الآية، واعتقاد أن حقيقة الابتداء والانتهاء من الله عز وجل.. فالإنسان إذا عاش حالة المملوكية لله تعالى، وسلّم بأن المعطي هو الذي أخذ، لا شك في أنه سيعيش حالة الاطمئنان والاستقرار النفسي، و تتنزل عليه الصلوات من الله عز وجل.
* عن علي (ع): (قل عند كل شدة لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).. أيضاُ مما يريح النفس، ويبعث على الاطمئنان، هوال اعتقاد بأن كل ما في الوجود من قوى، رهن إشارة المولى عز وجل، وبيده كل شيء.
* عن الرضا (ع): رأيت أبي (ع) في المنام فقال: يا بني، إذا كنت في شدة فأكثر من أن تقول: (يا رؤوف يا رحيم).. أي توسل بالله من باب الرأفة والرحمة.
س3/ هل هناك من سلبية في أن يعيش الإنسان حالة التبرم الداخلي من البلاء مع إظهار الرضا؟..
فرق بين أن يعيش الإنسان حالة الاستسلام للقضاء والقدر، وهو في داخله يعيش حالة الغليان الباطني، ويتمنى أن هذا البلاء لو لم ينزل، وقد يصل به الحد إلى تمني الموت أو أنه لو لم يخلق.. وبين أن يعيش حالة الرضا والقبول.. وعليه، فإنه لابد من تجاوز مرحلة الاستسلام، إلى مرحلة القبول بما جاء به الله عز وجل، والنظر لهذه البلية على أنها هبة من الله عز وجل، كما ورد في بعض الروايات عن الإمام الباقر (ع): (إنّ الله تبارك وتعالى إذا أحبّ عبداً غتّه بالبلاء غتّا، وثجّه بالبلاء ثجّا، فإذا دعاه قال: لبيّك عبدي!.. لئن عجّلتُ لك ما سألتَ إني على ذلك لقادر، ولئن ادّخرتُ لك فما ادّخرتُ لك خير لك).. وهذا ما رأيناه في أصحاب الحسين (ع) من تحمل وصبر يذهل الألباب، وذلك لشدة تسليمهم لأمر الله عز وجل.. وقال رسول الله (ص): (إذا نُشرت الدواوين، ونُصبت الموازين.. لم يُنصب لأهل البلاء ميزان، ولم يُنشر لهم ديوان).. ثم تلا هذه الآية: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
س4/ هل هناك علاقة بين الارتباط الشعوري لصاحب الأمر(عج) وبين دفع البلاء عن الفرد والأمة.. وكيف نواجه البلاء الأعظم المحيط بالإمام (عج)؟..
هذا من المؤكد؛ لأنه لولا وجود الإمام لساخت الأرض بمن عليها.. فوجوده (ع) هو الأمان من نزول الغضب الإلهي، والعصمة من كثير من الذنوب.. وهو (ع) على رأس قائمة المبتلين في زماننا هذا، بل في العصور كلها.. فإذا كان الإنسان في بعض الحالات لا يتحمل بعض البلاءات التي تحل بالأمة، فكيف بصاحب الأمر (عج)، وهو المطلع على كل هذه المآسي، ويرى كل هذا الظلم، وهو المكلف والمرشح بإنقاذها وتطهيرها من كل هذا الجور وأنواع الضلال.. ولكن لمصلحة يراها رب العالمين في زمان الغيبة، لم يؤذن له بالظهور؛ فيعيش (عج) حالة لا توصف من الأذى، لا يعلمها إلا الله تعالى.. فمن يريد مشاطرة الإمام (عج) آلامه، عليه: بالدعاء له، وإدخال السرور على قلبه، ودفع الصدقة عنه، وعن من يحب من خيار أصحابه، والتمهيد لدولته الكريمة.. فهذا خير ما يمكن أن ندعم به ذلك الوجود الطاهر.
س5/ ماذا يفعل الإنسان إذا حلت به المصائب من كل حدب وصوب؟..
عليه أن يعمل جرداً شاملاً لكل سلوكياته، فإن رأى تقصيراً في البين؛ فإن ذلك البلاء حط للسيئة، وعليه بالتعويض.. وإلا فإنه بلاء مبارك، يحقق له القرب من الله عز وجل دنيا وآخرة، كبلاء الأنبياء والمقربين، الذين كانوا قمة في البلاء.. فهذا النبي الأكرم (ص) كما نعلم يصرح بأنه ما أوذي نبي كما أوذي (ص).
س6/ لي صديق مسيحي، وهو قد طلب مني الدعاء له؛ لشدة قد تعرض لها.. فهل هناك شرعية لذلك ؟..
الناس قسمان: أخ لك في الدين، ونظير لك في الخلق.. ما المانع أن تدعو لذلك المسيحي بالهداية وصلاح الأمر؟!.. بل تخبره أيضاً بما جرى؛ فتكون بهذا العمل حببته وقربته بالدين، وأفهمته بأن هذا الدين لا يمنع من بر أهل الكتاب.. فعلي (ع) عندما كان في سفر مع كتابي، وإذا به في مفترق الطريق يتابع مع ذلك الرجل خطوات؛ ليثبت له سماحة الإسلام.. ونحن نعلم كم تأثر (ع)، عندما سمع بقصة نزع الخلخال من رجل الذمية ، فيا ليت أهل الكتاب في بلداننا الإسلامية، يعلمون ما كان عليه سلوك أئمة الهدى، وعلى رأسهم النبي المصطفى، في مراعاة كل أفراد المجتمع ومنهم أهل الذمة!..
س7/ إني قريب من سن البلوغ، وأحب أن أبقى على صفاء الفطرة، فبماذا تنصحون؟..
النصحية هي: أن يلزم معاشرة الصالحين، من الذين يمكن الاستفادة منهم علماً وعملاً.. وإلا فإن من هم في هذا السن، تغلب عليهم مشاكل المراهقة، وخاصة المدارس هذه الأيام -مع الأسف- تمثل نقاط تجمع لابتلاءات اجتماعية كثيرة، من نشر لأدوات الفساد وغيره، والتي -لا سمح الله- من الممكن أن تهوي به من أعلى عليين إلى أسفل سافلين، فعليه بترك معاشره هؤلاء المنحرفين.. وأيضاً إن الآباء والأمهات عليهم مسؤولية كبيرة -وخاصة في سن البلوغ- لحفظ أبنائهم، والبقاء على نقاوتهم الفطرية، فكم من الجميل أن يتجاوز الشاب هذه المرحلة الخطرة، وهو لا يرى خطيئة بينه وبين ربه.. وإن دعاء الأبوين في حق الابن مستجاب.. فهناك صلاة مأثورة يصليها الإنسان ليلاً للأولاد، ونهاراً للوالدين وهي: ركعتان: في الأولى يقرأ بعد الفاتحة سورة القدر، وفي الثانية بعد الفاتحة يقرأ سورة الكوثر.
س8/ هل هناك من ارتباط بين ظلم الآخرين والمعاقبة الآنية؟..
إن هذا إحساس مبارك، يجعل صاحبه يقلع عن ظلم الآخرين.. كما هو معروف في علم النفس: هنالك قانون الاقتران، عند تكرر حالتين: (أ) و(ب) بحيث أنه إذا جاء (أ) جاء (ب)، لذا يتم الحذر من (أ) أول الأمر.. وإن من أخلاقية المؤمن أن يبادر بطلب الحلية من العباد، وخاصة في المواسم العبادية، حيث أن الأمر لا يخلو من الهفوات.. فالمرء لا يبرئ نفسه من خلال العشرة الطويلة، خصوصاً ظلم الوالدين؛ فإنه عرضة للانتقام الإلهي السريع.
س10/ ماذا تعمل الأم إذا كان الأبناء لا يطيعونها ولا يسمعون كلامها؟..
إن الأمر لا يخفى على الإنسان، أنه في بعض الأوقات يكون عاجزا عن تغيير الأمور بعد مرحلة الإثمار.. حيث أن الآباء عندما يهملون تربية أبنائهم -وخاصة في هذه الأيام، في ظل تواجد الإنترنت، وانتشار المواقع الإباحية- يصل الأمر إلى حد الانفلات، وفقدان السيطرة.. فعندئذ الندامة والبكاء لا تنفع، ولن تغير من الواقع شيئاً؛ ولهذا نجد أن الإسلام اهتم بتربيه الأبناء، حتى قبل اختيار الزوجة عندما قال رسول الله (ص): (اختاروا لنطفكم، فإنّ الخال أحد الضجيعين).
س11/ ماذا يعني إن الخير من الله، والشر من الإنسان نفسه؟..
إن الشر ينسب للعبد؛ لأنه هو صاحب الإرادة، فلو سلبنا منه عنصر الإرادة، لانتفى حسن الثواب والعقاب.. لأن الله تعالى لا يعاقب من سلبت إرادته: كالساهي، والنائم، والمكره، والمضطر.. فإذن، إن الشر هو من سلوك العبد، الذي تصرف في موارد الطبيعة، وتصرف في أعضاء بدنه، مما يؤدي إلى وقوع المعصية.. ولكن عندما نقول: بأن الخير من الله عز وجل، لا بمعنى أن الله تعالى أجبرنا على فعل الخير، وإلا لا يحسن الثواب لإنسان قام بعمل بلا شعور، بل يعني أن المواد التي سخرها الله تعالى لنا، هي من الله؛ تمكيناً للقيام بالعمل الصالح.
س12/ الإنسان يكتب شقاءه وسعادته منذ أن يكون في بطن أمه؟.. ألا يمكنه أن يتحدى ويغير من هذا القسمة بأعماله المختلفة؟..
إن المقدرات الإلهية، ليست مقدرات قاهرة على نحو الإلزام، بل على نحو العلم.. كما الحال عند الطالب الكسول، فعندما يقرر الأستاذ بخبرته عن هذا الطالب المهمل، بأن مآله سيكون السقوط، ثم أنه يمكنه أن يجد في الدراسة وينجح.. كذلك الحال بالنسبة للمؤمن، ما كتب له إنما هو كتابة محضة على نحو الخبر، لا على نحو الإلزامية والقهر.
ابو نور الهدى الناصري- المساهمات : 55
تاريخ التسجيل : 05/03/2008
رد: قسوة القلب والعمل السياسي
اخي العزيز ابو نور الهدى
جعلك الله من اصحاب القلوب المؤمنة
شكرا لهذا المقال المثمر
في الحقيقة انا اجد التفاته رائعة التفت لها مرجعنا المفدى وهي عن اذرع المرجعية الرشيدة
حيث كل طرف منها يمثل ما يدور في خلد العقل والنفس الانسانية فتجد الدين والسياسة والعلم والعمل وجانب المراة بلفعل اذا ما اخذ كل ذراعه مكانه وموقعه فان مشروع التكامل سوف ياخذ بالنهوض في المجتمع وبالتالي سوف تنهض النفص الانسانية وتتخلص من قسوة القلب سواء على مستوى المجتمع او على مستوى الفرد
بارك الله فيك ونتمنى التواصل بالاستمرار
جعلك الله من اصحاب القلوب المؤمنة
شكرا لهذا المقال المثمر
في الحقيقة انا اجد التفاته رائعة التفت لها مرجعنا المفدى وهي عن اذرع المرجعية الرشيدة
حيث كل طرف منها يمثل ما يدور في خلد العقل والنفس الانسانية فتجد الدين والسياسة والعلم والعمل وجانب المراة بلفعل اذا ما اخذ كل ذراعه مكانه وموقعه فان مشروع التكامل سوف ياخذ بالنهوض في المجتمع وبالتالي سوف تنهض النفص الانسانية وتتخلص من قسوة القلب سواء على مستوى المجتمع او على مستوى الفرد
بارك الله فيك ونتمنى التواصل بالاستمرار
رد على رد
احسنت يا اخي ومشكور وأود ان اضيف على ما كتبت إن هذا الحديث من الأحاديث المهمة، التي لو تكلمنا عنها على مدار العمر، وفي كل سنوات الحياة، لما كان الأمر غريباً.. فالقلب هو مصدر الاتصال بعالم الغيب، حيث يتم من خلاله تلق ي المعارف الإلهية، وهو الذي يدرك الحقائق الملكوتية.. قام إلى أمير المؤمنين (ع) رجل يُقال له ذغلب فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟.. قال: (ويلك يا ذغلب!.. لم أكن بالذي أعبد ربّاً لم أره).. فقال: كيف رأيته؟.. صفه لي!.. قال (عليه السلام): (ويلك!.. لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان).. فإذن، القلب هو ذلك الجهاز الذي يرى الله تعالى يوم القيامة، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}.. ومن المؤكد بأنه ليس المراد بالوجه، ذلك الوجه المحدود شبر في شبر!.. إذ كيف يتناسب رؤية المحدود للامحدود!.. وبهذا الوجود أيضاً نرى ربنا في هذه الحياة الدنيا، بمعنى التجليات والفيوضات الإلهية.
ابو نور الهدى الناصري- المساهمات : 55
تاريخ التسجيل : 05/03/2008
ولك ايضاً يا سيدي اقول
ولك ايضاً يا سيدي اقول إذا أرت أن تعلم ما لله عندك، فانظر ما لك عند الله تعالى.. لإن البعض يريد أن يعرف موقعه من الله تعالى من خلال: منام، أو اخبار ولي، أو ما شابه ذلك.. والحال أن المقياس الأدق هو: أن ينظر إلى قلبه، ويرى مدى توقيره لربه، وخاصة عند المعاصي!..
ابو نور الهدى الناصري- المساهمات : 55
تاريخ التسجيل : 05/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى