ايها الحاكم تجنب هذه الصفات
صفحة 1 من اصل 1
ايها الحاكم تجنب هذه الصفات
يحذر الإمام علي (عليه السلام) في خواتيم عهده من صفات مقيتة لابد أن يتجنبها الحاكم ويبيّن ما فيها من آثار سلبية عليه وعلى حكومته. أولاً: إياك والإعجاب بنفسك الشيطان يغري النفس البشرية بما يحب الإطراء والمدح، والذي ينم عن الإعجاب بالنفس, وعلى الحاكم أن يتجنب ذلك لأنه يمحق ما كان من إحسان المحسنين. (فكلما فعلت يُحبط, عندما يتحول إلى وسيلة للإعجاب بالنفس) ثانياً: إياك والمنّ على الناس. ومن أبعاد الاعجاب بالنفس المنّ على الناس, وتعظيم الأفعال التي يقوم بها الحاكم في خدمتهم. ولابد للحاكم أن يلتزم بوعوده التي يقطعها للناس. أما المنّ فإنه يبطل الإحسان، والتزيّد وتعظيم الأفعال يذهب بنور الحق, وأما خلف الوعد فإنه يوجب المقت عند الله والهوان في أعين الناس. قال الله تعالى: (كبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) ثالثاً: إياك والعجلة والتسقط واللجاجة. الأمور مرهونة بأوقاتها, حيث أن لكل فعل بيئته التي يصلح فيها, أما العجلة فيه فإنها تفسده. وينهى الإمام (عليه السلام) عن التردد عند توفر الفرص وتحقق وقت العمل, كما يوصي (عليه السلام) بعدم اللجاجة والإصرارعلى فعل إذا تنكر على الحاكم, فإن ذلك دليل على أن وقته لمّا يحن. وإنما ينبغي أن يضع الحاكم كل أمر موضعه الذي تدله عليه حكمته. رابعا: املك حمية أنفك يحذر الامام (عليه السلام) الحاكم من الأثَرَة في أموال الأمة, والتي تعني الإنفراد بالخيرات التي جعلها الله للناس جميعاً من موارد الدولة, وألا يزعم أن الناس لا يعرفون ذلك بل سوف يتوضح للناس ذلك وسوف يؤخذ حقهم منه, وعما قليل ينكشف الغطاء وينتصف للمظلوم من الظالم حتى ولو كان حاكماً. ومن أجل الاّ يسترسل الحاكم في مثل هذا التصرف, يأمره الإمام (عليه السلام) بأن يملك حمية أنفه, فلا يطغيه موقعه كحاكم، وكذلك عليه أن يملك سورة حده وسطوة يده وغرب لسانه, فلا يبادر باستخدام سلطته وقوته وبلاغته من أجل ظلم الناس, وعليه أن يحتاط على نفسه ودينه من سوء إستخدام السلطة, وذلك بالكف عن التسرّع, بل يفكر ملياً قبل أن يقوم بأيّ عمل, وأن يؤخر السطوة حتى يسكن في نفسه الغضب ويكون متسلطاً على أعصابه.ويبقى سؤال: كيف يمكن للبشر أن يتسلط على نفسه ويكبح جموحها؟ فيجيب الإمام (عليه السلام) عن ذلك بضرورة ذكر المعاد, وكيف يقف الإنسان – مهما كان موقعه السياسي والإجتماعي – وحيداً فريداً أمام ربه ليحاسبه حساباً دقيقاً عما فعله.يقول الإمام (عليه السلام): وَ إِيَّاكَ وَ الإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ, وَ الثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَ حُبَّ الإِطْرَاءِ214, فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ.وَ إِيَّاكَ وَ الْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ, أَوِ التَّزَيُّدَ215 فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ, أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ, فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الإِحْسَانَ, وَ التَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ, وَ الْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ216 عِنْدَ اللَّهِ وَ النَّاسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) . وَ إِيَّاكَ وَ الْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا, أَوِ التَّسَقُّطَ217 فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا, أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ218, أَوِ الْوَهْنَ219 عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ. فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ, وَ أَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ.وَ إِيَّاكَ وَ الِاسْتِئْثَارَ220 بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ, وَ التَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى بِهِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ, فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْكَ لِغَيْرِكَ. وَ عَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْكَ أَغْطِيَةُ الأُمُورِ, وَ يُنْتَصَفُ مِنْكَ لِلْمَظْلُومِ. امْلِكْ حَمِيَّةَ أَنْفِكَ221, وَ سَوْرَةَ222 حَدِّكَ223, وَ سَطْوَةَ يَدِكَ, وَ غَرْبَ224 لِسَانِكَ, وَ احْتَرِسْ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِكَفِّ الْبَادِرَةِ225, وَ تَأْخِيرِ السَّطْوَةِ, حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُكَ فَتَمْلِكَ الِاخْتِيَارَ؛ وَ لَنْ تَحْكُمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ إِلَى رَبِّكَ0
ابو نور الهدى الناصري- المساهمات : 55
تاريخ التسجيل : 05/03/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى